فصل: الفصل السادس عشر تشريح الترقوة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.الفصل السادس عشر تشريح الترقوة:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
الترقوة عظم موضوع.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
قال جالينوس: إن اتصال هذا العظم بالقص هو بمفصل سلس.
وهذا مشكل فإن المفصل إنما يخلق سلسًا إذا احتيج أن يكون لأحد عظميه وحده حركة ظاهرة وحده وذلك مما لا يحتاج إليه ها هنا ولا نشاهد له هذه الحركة فوجب أن يكون مفصلاه وهما اللذان عند طرفيه موثقين ليكون التركيب أقوى وأحكم.
وأما هيئة هذا العظم فهو أنه كأنه قوس صغير من دائرة عظيمة ويكون في أو له عند القص مستديرًا وإذا قرب الكتف أخذ في الاستعراض وهناك يكثر تحدبه إلى الخارج والظاهر أن اتصاله بالقص بلزاق إذ لم أجد فيه زائدة من شأنها أن تدخل في نقرة.
وأما اتصاله بالكتف فسنذكره في تشريح الكتف قوله: يخلي عند النحر بتحديبه وفي بعض النسخ بتقعيره والكل.

.الفصل السابع عشر تشريح الكتف:

والكلام فيه يشتمل على ثلاثة مباحث:

.البحث الأول منفعة عظم الكتف:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
الكتف خلق لمنفعتين. إلى قوله: والكتف يستدق من الجانب الوحشي.
الشرح:
قد ذكر الشيخ لهذا العظم منفعتين: إحداهما: أن يتعلق به العضد فإنه لو علق بالصدر بغير هذا العظم وما يقوم مقامه فقدت اليد سلالة الحركات وضاق ما بين اليدين فلم تجد حركاتها إلى جميع الجهات.
وثانيتهما: لتكون وقاية حريزة للأعضاء المحصورة في الصدر وبيان هذا أن الأضلاع تستدير حول الصدر فوقايتها هي بتلك الإحاطة.
وأما ما هو أعلى منها فلا مدخل لها في توقيته لكن خرزات العنق وأعلى القص والرأس يوقى وسط أعلى الصدر وقاية ما.
وأما جانباه فلا يحصل لهما بذلك وقاية يعتد بها فاحتيج إلى عظم الكتف ليكون كالستارة لمؤخر ذلك الموضع فيقوم في ذلك مقام الفقرات من خلف وأما مقدم ذلك الموضع فيتستر بعظم الترقوة وإنما جعل كذلك لأن جهة المؤخر غائبة عن حراسة الحواس فاحتيج أن تكون وقايتها أتم فلذلك جعل هذا الساتر من خلف أعظم واكتفى من جهة المقدم بالترقوة ومع صغرها وخصوصًا ورأس عظم الكتف يميل إلى قدام فيعين عظم الترقوة على التوقية.
وأقول: أن لهذا العظم منفعة أخرى وهي تحسين الخلقة إذ لو لاه لبقي موضعه غائرًا جدًّا فكان يكون سطح الظهر مستهجنًا. والله ولي التوفيق.

.البحث الثاني صورة هذا العظم:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
الشرح:
إن هذا العظم في صورته كأنه مثلث مركب من مثلثين أحدهما: وحشي والآخر: أنسي ويسمى جملة هذا العظم المثلث العظيم ويسمى جزؤه الوحشي المثلث الوحشي وجزؤه الأنسي المثلث الأنسي والمثلث العظيم ليس سطحه بمستوٍ بل وكأنه مركب من المثلثين على زاوية ومنفرجة جدًّا.
والخط المتوهم بينهما ما بين رأس المثلث العظيم وبين طرفي قاعدتي المثلثين اللذين هما جزءاه. وحدبة هذا المثلث العظيم إلى خارج. وتقعيره إلى داخل أعني داخل البدن.
والمثلث الأنسي كبير جدًّا بالنسبة إلى الوحشي وضلع المثلث العظيم الأنسي وقاعدته طويل جدًّا بالنسبة إلى ضلعه الوحشي وقاعدته ليست خطًا مستقيمًا بل كأنها ضلعًا مثلث منفرج الزاوية جدًّا.
وأحدهما وهو الأنسي قاعدة المثلث الأنسي وهو طويل بالنسبة إلى الآخر الذي هو قاعدة المثلث الوحشي والمثلث الأنسي قائم الزاوية التي يوترها الضلع الأنسي من المثلث العظيم والمثلث الوحشي حاد الزاوية التي يوترها الضلع الوحشي من المثلث العظيم وضلعا المثلث العظيم ليسا يلتقيان على نقطة بل إذا قربا من الالتقاء امتدا على هيئة خطين متوازيين ويقطعان بذلك قريبًا من عرض إصبعين ثم ينفرجان فيكون العظم موضع توازيهما أدق وأعلاه أغلظ وفي أعلاه الحفرة التي يدخل فيها رأس العضد وعلى الخط المتوهم وهو المشترك وبين المثلثين أعني الوحشي والأنسي عظم يشبه المثلث قاعدته عند رأس المثلث العظيم وزاويته عند ملتقى وأجزاء عظم الكتف مختلفة جدًّا في الرقة والغلظ وما سوى مواضع الأضلاع فهو رقيق جدًّا وفي المثلث الأنسي نتوءان يمران كالضلعين أحدهما يتصل بالضلع الذي يوتر الزاوية القائمة والآخر لا يتصل به بل ينقطع دونه بقدر عرض إصبعين وبعد الأول منهما على الزاوية القائمة قدر عرض إصبعين وبين الضلعين قدر عرض إصبعين أيضًا.
وأما المثلث الذي على ظهر المثلث العظيم فأرقه أو سطه وعند أعلى الضلع الوحشي جزء يضيق عن طرف الخنصر قليلًا ويغور قدر عرض إصبع ونصف وأسفله مستدير وأعلاه ضيق والضلع الأعلى من المثلث الذي على ظهر المثلث العظيم يميل إلى الجانب الأنسي ويغلظ عند قاعدته ويخرج من الجانب الوحشي من رأس الكتف على حافة الحفرة زائدة إلى جانبه الوحشي وإلى فوق قليلًا وينتؤ لها عنق دقيق عند أول خروجها فإذا بعدت قدر ثخن إصبع غلظت وصعد لها رأس على طرف أنملة يتحدب إلى الوحشي ويتقعر إلى الأنسي ويخرج أيضًا من الجانب الوحشي عند قاعدة المثلث الذي على ظهر المثلث العظيم من الضلع الأعلى من ذلك المثلث زائدة تطول حتى تحاذي رأس الكتف أو تتعداه بقدر ثخانة إصبعين ثم يميل إلى الجانب الوحشي فيخرج إليه قدر ثخانة إصبعين أيضًا وعرض هذه الزائدة قدر عرض إصبع ونصف أعني بذلك من أصابع الإنسان.
قوله: والكتف يستدق من الجانب الوحشي ويغلظ.
أما دقته فلأن الموضع المحتاج فيه هناك إلى الوقاية صغير ولا كذلك موضع باقي أجزائه وأما غلظه فليكون قويًّا ليمكن أن يخلق فيه مفصل اليد وأما زيادة ثخانة طرفيه فلأجل النقرة التي فيه ليكون مكانها متسعًا.
قوله: ولها زائدتان إحداهما من فوق وخلف وتسمى الأخرم ومنقار الغراب أما الزائدة التي ذكرنا أنها تبرز من رأس الكتف فهي التي يسميها قوم: الأخرم.
وقوم: منقار الغراب.
وأما التي تبرز من الضلع الأعلى من المثلث الذي على ظهر الكتف فقوم يسمونها: قلة الكتف وقوم يجعلون قلة الكتف اسمًا لتركيب هذا العظم مع عظم الترقوة وقوم آخرون يقولون: قلة الكتف اسم لعظم لا يوجد إلا في الإنسان.
قوله: ثم لا يزال يستعرض كلما أمعنت في الجهة الأنسية ليكون اشتمالها الوافي أكبر لا شك أن ما قرب من العنق فإن الفضاء الذي يكون بين الأضلاع أكبر وأوسع فيكون محتاجًا إلى وقاية أكثر عند راس الكتف فإن هناك يكون ذلك الفضاء ضيقًا جدًّا وأخذ هذا الموضع من السعة إلى الضيق بتدريج.
فلذلك يجب أن تكون هذه الوقاية على هيئة مثلث وإنما جذب من أعلاه ليكون أقوى لأنه يكون كالسقف الكرى وهو ولا شك أقوى من المسطح.
وأما المثلث الذي على ظهر هذا العظم فليكون له كالسنسنة حتى لا يصل إليه أذى المصادم والصاك.
وعلى الكتف غضروف يغشيه في مواضع كثيرة وأكثره في طرف قاعدته ولهذا العظم اتصال بعظام كثيرة بأربطة تصل بينها وبين هذه العظام وهي الجدار الرابع من عظام الرأس وشوك الصلب والأضلاع والعظم الذي عند أعلى الحنجرة. والله ولي التوفيق.

.البحث الثالث هيئة ارتباط الكتف بالترقوة:

إن الترقوة كما قلنا تستعرض كلما أمعنت في الجهة الوحشية ثم يدخل طرفها بين الزائدتين اللتين ذكرناهما: وهما قلة الكتف والأخرم. ويرتبط بروابط قوية ونحن نذكر هيئة هذه الروابط في ذكرنا تشريح العضد والجزء الذي ذكرناه في الكتف وهو الذي في أعلى ضلعه الوحشي فائدته أن تدخل فيه بعض الأربطة الشادة. وهذا المفصل موثق من جملة اللزاق.

.الفصل الثامن عشر تشريح العضد:

والكلام فيه يشتمل على ثلاثة مباحث:

.البحث الأول تشريح العضد مع الكتف:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
عظم العضد خلق مستديرًا.
إلى قوله والعضد مقعر إلى الأنسى محدب.
الشرح:
إن عظم العضد له مفصلان أحدهما من أعلاه وهو مفصل مع الكتف والآخر من أسفله وهو مفصل مع الساعد.
ومفصله الكتف برأس غليظ يدخل منه في حفرة الكتف وعنق هذا الرأس قصير.
لأن حفرة الكتف ليست بغائرة كثيرًا وأعلى هذا الرأس مستدير ليتهندم في تلك الحفرة وخلق عظيمًا غليظًا ليمكن أن يحيط به أربطة كثيرة فإن الرقيق لا يتسع كما يتسع له الغليظ وإنما احتيج إلى تكثير أربطة هذا المفصل لأن اليد معلقة وثقلها وثقل ما تحمله يجعل ميلها إلى ضد جهة اتصالها بالكتف.
وخصوصًا وحفرة الكتف غير غائرة فيكون خروجه منها سهلًا فاحتيج إلى أن يقوى ذلك بكثرة الأربطة وإنما كانت هذه الحفرة غير غائرة لئلا تمنع حركة اليد إلى فوق وإلى أسفل وإلى الجانبين بسهولة.
قال جالينوس: وفي هذا الرأس حفر عظيم عريض كالجزء في مقدمه يقسم ذلك الرأس إلى قسمين كالرمانتين.
أقول: إن فائدة الرمانة التي تبقى خارجة من الحفرة أن يتمكن بها من شدة الربط.
وهذا المفصل مع كثرة روابطه وشدتها رخو أي ليس يضم رأس العضد إلى داخل الحفرة شديدًا. أما كثرة أربطته فليكون تعلق اليد قويًّا كما قلنا. وأما الرخاوة فقد جعل الشيخ سبب ذلك حاجة وأمانًا.
أما الحاجة فلشدة حاجة هذا المفصل إلى سلاسة الحركة وإنما كان كذلك لشدة حاجة يد الإنسان إلى التحرك إلى جهات مختلفة متباعدة جدًّا. وذلك ليتمكن من جميع الأعمال والصنائع بسهولة.
وأما الأمان فلأن حركة هذا المفصل ليست دائمة أو في أكثر الأحوال تكون حركة اليد بمفاصل أخر إذ تكون أجزاؤها متحركة كالساعد والكتف.
ويكون العضد ساكنًا ولهذا المفصل أربعة أربطة: أحدها: غشائي يحيط بالمفصل وفائدة خلقه كذلك أن يكون تشبثه بجميع أجزاء رأس العضد وثانيها: مستعرض الطرف ويشتمل أيضًا على طرف العضد.
وثالثها: أعظم من الأول وأصلب أما أنه أعظم فلأن الأول لو خلق عظيمًا لكان يحول بين رأس العضد وبين جرم الكتف بقدر كبير فكان يوجب خروج ذلك الرأس من الحفرة لأن غورها قليل جدًّا وأما أنه أصلب فلأن الأول احتيج فيه إلى اللين ليطاوع على سلاسة الحركة.
لأنه لو كان مع تشبثه بجميع أجزاء هذا الرأس الحفرة صلبًا لم يمكن تمدد أجزاؤه بحسب ما تقتضيه الحركات تمددًا سهلًا.
وإنما وجب تطويل هذا الرباط لأنه لصلابته لا يسهل تمدده بحسب حاجة الحركات فاحتيج أن يكون طويلًا ليكون التمدد اليسير جدًّا من كل جزء كافيًا في الغرض بسبب كثرة تلك الأجزاء فلذلك أصعد هذا الرباط من الزيادة المتقاربة إلى ذلك الجزء ليطول وليكون التشبيث بعظم الكتف أكثر فيكون تعلق اليد به أقوى.
رابعها: ينزل مع هذا الثالث من ذلك الجزء وهذه الأربطة الثلاثة تنزل إلى عظم العضد من الزيادة التي ذكرناها في عظم الكتف وسبب ذلك أن جرم هذه الزيادة أغلظ من الكتف فيكون أقوى فلا يهن بحمل اليد وثقلها. والله ولي التوفيق.